بالنسبة لروسيا أصبحت ليبيا وإدلب الآن رهاناً واحداً
مقال مترجم من موقع (Middle
East Institute)
الكاتب: Dmitriy Frolovskiy, Kirill Semenov
تاريخ النشر: January 21, 2020
الكاتب: Dmitriy Frolovskiy, Kirill Semenov
تاريخ النشر: January 21, 2020
على الرغم من استمرار موسكو في جني ثمار حملتها في سوريا، إلا أنها
تواجه بشكل متزايد نتائج متناقصة. فعلى الرغم من مشاركة الكرملن الجيوسياسية في
البلاد، إلا أنه فشل حتى الآن في الحصول على أرباح اقتصادية كبيرة وقد يواجه
قريباً منافسة متزايدة من طهران. مع غموض مستقبل سوريا وحالة من عدم اليقين من القضية
التي لم تحل في إدلب تحاول روسيا الآن إدخال النزاع الليبي في المعادلة كذلك.
تضاءل اهتمام روسيا بالتسوية في سوريا خلال العام الماضي. على الرغم من أن الحملة العسكرية سمحت لموسكو بالعودة إلى الشرق الأوسط وتأمين الوصول إلى مراكز صناعة القرار في العواصم الكبرى في المنطقة على غرار ما تمتعت به قبل طرد أنور السادات للسوفييت من مصر، إلا أن دورها في الصراع السوري يواجه تحديات بتزايد النفوذ الإيراني ومخاوف تركيا بشأن أمن الحدود واللاجئين. علاوة على ذلك، لم يعد وضع روسيا كعنصر فاعل ووسيط يحقق نفس العوائد الجيوسياسية أو يبرر دورها كقوة لا غنى عنها في المنطقة. في ضوء هذه التحديات المتزايدة قرر الكرملين توسيع نطاق نفوذه في الشرق الأوسط من خلال زيادة مشاركته في الصراع الليبي
.
تضاءل اهتمام روسيا بالتسوية في سوريا خلال العام الماضي. على الرغم من أن الحملة العسكرية سمحت لموسكو بالعودة إلى الشرق الأوسط وتأمين الوصول إلى مراكز صناعة القرار في العواصم الكبرى في المنطقة على غرار ما تمتعت به قبل طرد أنور السادات للسوفييت من مصر، إلا أن دورها في الصراع السوري يواجه تحديات بتزايد النفوذ الإيراني ومخاوف تركيا بشأن أمن الحدود واللاجئين. علاوة على ذلك، لم يعد وضع روسيا كعنصر فاعل ووسيط يحقق نفس العوائد الجيوسياسية أو يبرر دورها كقوة لا غنى عنها في المنطقة. في ضوء هذه التحديات المتزايدة قرر الكرملين توسيع نطاق نفوذه في الشرق الأوسط من خلال زيادة مشاركته في الصراع الليبي
.
على الرغم من أن خليفة حفتر غادر موسكو مؤخراً دون التوقيع على اتفاق
وقف إطلاق النار الروسي التركي، فإن الكرملين يواصل العمل على حل يمكن أن يحقق
عائدات جيوسياسية جيدة. كما هو الحال في سوريا، فإن الصفقات بين القيادة الروسية
والتركية يمكن أن تفيد الجانبين في ليبيا. وفي الآونة الأخيرة دعمت موسكو
المحادثات في برلين والتي أسفرت عن اتفاق يوم الأحد يقضي باحترام حظر الأسلحة الذي
تفرضه الأمم المتحدة، ووقف الدعم العسكري الخارجي، ودفع الأطراف المتحاربة للتوصل
إلى وقف كامل لإطلاق النار.
إن مشاركة أنقرة المتزايدة في الساحة الليبية - وهو تطور حديث وغير متوقع - مدفوع بالرغبة في تعزيز انتشارها الإقليمي، وينبغي الآن اعتبار المستوطنات المحتملة في ليبيا وسوريا جزءين من الديناميكية الجيوسياسية الكبرى التي لم يتم حلها بعد. وهكذا فإنه وخلال المفاوضات الأخيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اسطنبول، اقترح الرئيسان وقف إطلاق النار في ليبيا واتفقا في وقت واحد على هدنة في منطقة إدلب كذلك.
الاتفاق الذي كان يهدف إلى تجنب تصعيد عسكري محتمل في شمال غرب سوريا وحماية العلاقات الدبلوماسية الروسية التركية انتهك بعد أيام قليلة من تنفيذه، مما يبرز مرة أخرى تهديد الاضطرابات الناجمة عن رغبة الرئيس السوري بشار الأسد المستمرة في شن هجوم على آخر معاقل المعارضة الرئيسية المتبقية في البلاد.
إن مشاركة أنقرة المتزايدة في الساحة الليبية - وهو تطور حديث وغير متوقع - مدفوع بالرغبة في تعزيز انتشارها الإقليمي، وينبغي الآن اعتبار المستوطنات المحتملة في ليبيا وسوريا جزءين من الديناميكية الجيوسياسية الكبرى التي لم يتم حلها بعد. وهكذا فإنه وخلال المفاوضات الأخيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اسطنبول، اقترح الرئيسان وقف إطلاق النار في ليبيا واتفقا في وقت واحد على هدنة في منطقة إدلب كذلك.
الاتفاق الذي كان يهدف إلى تجنب تصعيد عسكري محتمل في شمال غرب سوريا وحماية العلاقات الدبلوماسية الروسية التركية انتهك بعد أيام قليلة من تنفيذه، مما يبرز مرة أخرى تهديد الاضطرابات الناجمة عن رغبة الرئيس السوري بشار الأسد المستمرة في شن هجوم على آخر معاقل المعارضة الرئيسية المتبقية في البلاد.
على الرغم من أن روسيا قد تركز الآن على تحقيق انفراج محتمل في شمال
إفريقيا، إلا أن هذه الصفقة يمكن أن تبطئ قوات الأسد في منطقة التصعيد في إدلب. مع
محاولة روسيا الحفاظ على مكانتها كوسيط نزيه في المنطقة فإن الصراع السوري لديه
القدرة يمكن أن يصبح رهينة للمغامرة الجيوسياسية المتنامية في موسكو. يمكن لهذا
الخيار أن يثبط طموحات الأسد الذي تعهد "بتحرير كل شبر من سوريا من القوات
الأجنبية" على حد تعبيره. زيارة بوتن غير المتوقعة لدمشق منذ فترة، والتي
جاءت مباشرة قبل سفره إلى اسطنبول ربما كانت لإبلاغ الأسد شخصياً بضرورة الحفاظ
على وقف إطلاق النار في إدلب وتجنب أي سوء فهم يتعلق بالصفقة مع أردوغان.
على الرغم من بروز حل الأزمة الليبية كأولوية بالنسبة للكرملين، إلا أن وقف أي تغييرات حول منطقة خفض التصعيد في إدلب يخدم أيضاً أهداف روسيا النهائية في سوريا والمنطقة عموماً بشكل جيد.
مع استضافة المنطقة لملايين اللاجئين وآلاف المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، والوقوف كواحدة من آخر معاقل المقاومة لنظام الأسد فقد حولت موسكو بفعالية الشكوك المحيطة بإدلب إلى ورقة رابحة في مفاوضاتها مع أنقرة. وبالتالي فإنه عادة ما يتم دمج المناقشات والاتفاقيات حول إدلب في الحلول الوسط المتعلقة بأجزاء أخرى من البلاد. تدرك روسيا تماماً أن قضية اللاجئين السوريين مشحونة سياسياً في داخل تركيا وأن الحد من تدفق السوريين أمر بالغ الأهمية لإردوغان للحفاظ على شعبيته المحلية، وهذا هو السبب في أن موسكو تستخدمه كورقة ضغط لانتزاع تنازلات بشأن المسائل الحرجة في سوريا، ويمكن استخدامها لكسب النفوذ على ليبيا أيضاً.
على الرغم من بروز حل الأزمة الليبية كأولوية بالنسبة للكرملين، إلا أن وقف أي تغييرات حول منطقة خفض التصعيد في إدلب يخدم أيضاً أهداف روسيا النهائية في سوريا والمنطقة عموماً بشكل جيد.
مع استضافة المنطقة لملايين اللاجئين وآلاف المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، والوقوف كواحدة من آخر معاقل المقاومة لنظام الأسد فقد حولت موسكو بفعالية الشكوك المحيطة بإدلب إلى ورقة رابحة في مفاوضاتها مع أنقرة. وبالتالي فإنه عادة ما يتم دمج المناقشات والاتفاقيات حول إدلب في الحلول الوسط المتعلقة بأجزاء أخرى من البلاد. تدرك روسيا تماماً أن قضية اللاجئين السوريين مشحونة سياسياً في داخل تركيا وأن الحد من تدفق السوريين أمر بالغ الأهمية لإردوغان للحفاظ على شعبيته المحلية، وهذا هو السبب في أن موسكو تستخدمه كورقة ضغط لانتزاع تنازلات بشأن المسائل الحرجة في سوريا، ويمكن استخدامها لكسب النفوذ على ليبيا أيضاً.
تستخدم موسكو إدلب للضغط على النظام في دمشق والذي أصبح أكثر مرونة
على مدار السنوات الأربع الماضية. حيث يدرك الكرملين أن استمرار استقلال منطقة
إدلب هو أحد الأسباب الرئيسية وراء بقاء الأسد معتمد بشكل قوي على روسيا.
على الرغم من التقدم العسكري، لا يزال النظام يفتقر إلى القوة البشرية الكافية لشن هجوم من جانب واحد على المنطقة، مع النظر للمسألة باعتبار أن الإيرانيين لا يدعمون مثل هذه الفكرة. يحتاج النظام إلى مساعدة برية كبيرة، وقبل ذلك يحتاج بقوة للمساعدة الجوية. بالإضافة إلى أنه لو شن مثل هذا الهجوم فإنه يمكن أن يحفز حلفاء تركيا ويترك دمشق في قتال مباشر مع أنقرة. وبالتالي فإن موسكو مهتمة بالحفاظ على صراع منخفض الشدة، وحتى على المدى الطويل فمن مصلحتها تجميد التحولات الكبيرة في منطقة خفض التصعيد.
أحد خيارات روسيا في السعي لمنع التغييرات الكبيرة في إدلب هو مساعدة النظام على استعادة بعض الأراضي ثم الضغط عليه للامتناع عن اتخاذ أي خطوات مهمة أخرى في المستقبل المنظور. على الرغم من أنه سيكون من الصعب تحقيق هذا الأمر، إلا أنه في الأشهر المقبلة يمكن أن تساعد موسكو دمشق على فرض سيطرتها على الطرق السريعة M4 و5 Mوالتي ستمكن قوات الأسد من إنشاء خطوط ترسيم واضحة بينها وبين المعارضة. صدى هذه الخطوة سيؤثر بشكل أساسي على منطقة "غصن الزيتون" و منطقة "درع الفرات"، والتي حققت مكاسب محدودة بعدها امتنعت أنقرة عن مواصلة التوسع في ضوء قبول النظام الضمني للمحميات الجديدة.
بشكل عام يواجه موقف موسكو في سوريا تحدياً تدريجياً من خلال التحولات الجيوسياسية والسلوك المعاند من نظام الأسد والذي أصبح أكثر مرونة. على الرغم من أن روسيا تسعى جاهدة للحفاظ على مكانتها كقوة إقليمية ودور معين كوسيط نزيه، فإن تصرفاتها في إدلب وليبيا يمكن أن تصبح في نهاية المطاف بمثابة الاختبار الأساسي لطموحاتها الطويلة الأجل في الشرق الأوسط والكشف عن نهاية اللعبة في سوريا والتي حتى الآن تبدو غير واضحة.
على الرغم من التقدم العسكري، لا يزال النظام يفتقر إلى القوة البشرية الكافية لشن هجوم من جانب واحد على المنطقة، مع النظر للمسألة باعتبار أن الإيرانيين لا يدعمون مثل هذه الفكرة. يحتاج النظام إلى مساعدة برية كبيرة، وقبل ذلك يحتاج بقوة للمساعدة الجوية. بالإضافة إلى أنه لو شن مثل هذا الهجوم فإنه يمكن أن يحفز حلفاء تركيا ويترك دمشق في قتال مباشر مع أنقرة. وبالتالي فإن موسكو مهتمة بالحفاظ على صراع منخفض الشدة، وحتى على المدى الطويل فمن مصلحتها تجميد التحولات الكبيرة في منطقة خفض التصعيد.
أحد خيارات روسيا في السعي لمنع التغييرات الكبيرة في إدلب هو مساعدة النظام على استعادة بعض الأراضي ثم الضغط عليه للامتناع عن اتخاذ أي خطوات مهمة أخرى في المستقبل المنظور. على الرغم من أنه سيكون من الصعب تحقيق هذا الأمر، إلا أنه في الأشهر المقبلة يمكن أن تساعد موسكو دمشق على فرض سيطرتها على الطرق السريعة M4 و5 Mوالتي ستمكن قوات الأسد من إنشاء خطوط ترسيم واضحة بينها وبين المعارضة. صدى هذه الخطوة سيؤثر بشكل أساسي على منطقة "غصن الزيتون" و منطقة "درع الفرات"، والتي حققت مكاسب محدودة بعدها امتنعت أنقرة عن مواصلة التوسع في ضوء قبول النظام الضمني للمحميات الجديدة.
بشكل عام يواجه موقف موسكو في سوريا تحدياً تدريجياً من خلال التحولات الجيوسياسية والسلوك المعاند من نظام الأسد والذي أصبح أكثر مرونة. على الرغم من أن روسيا تسعى جاهدة للحفاظ على مكانتها كقوة إقليمية ودور معين كوسيط نزيه، فإن تصرفاتها في إدلب وليبيا يمكن أن تصبح في نهاية المطاف بمثابة الاختبار الأساسي لطموحاتها الطويلة الأجل في الشرق الأوسط والكشف عن نهاية اللعبة في سوريا والتي حتى الآن تبدو غير واضحة.
اضف تعليقاً عبر:
الابتسامات